لقاء يهودا والسامرة – 15.3
كانت في أساس تخطيط اللقاء الحاجة للتعارف المباشر بين سكان يهودا والسامرة وبين مندوبي مختلف الفئات المتمثلين بأعضاء قوة المهام، بصورة لا تتوقف عند عائق الفجوات في الآراء السياسية، وتحاول إيجاد وفهم القضايا الإنسانية والدوافع التي في أساس الاستيطان في يهودا والسامرة.
لذلك طلبنا لقاء أعضاء قوة المهام مع عدّة وجهات نظر، تجارب عمق تتعلق بالاستيطان في يهودا والسامرة، سواء من وجهة النظر الفلسطينية، من وجهة نظر الثكل، وبمرآة التجارب الشخصية ومرآة اللقاء بين الأشخاص، المجموعات، بالإضافة إلى الحيز العام.
مجرد اللقاء، مثل القضايا المتعلقة به، وضع أمام أعضاء قوة المهام الحاجة لاتخاذ موقف، وقد أثار الموضوع نقاشا عميقا ومشحونا ومعقدا بين أعضاء قوة المهام قبل اللقاء نفسه، وبعده.
بدأ يومنا بلقاء في مركز “شوراشيم”- جذور. تدير المركز الحاخامة فرومان من تكوع وعلي أبو عواد الفلسطيني من سكان قرية بيت أمّر.
يتواجد المركز عند مفترق غوش عتسيون ويشكل نقطة لقاء لسكان المنطقة اليهود والعرب. استمعنا إلى قصتهم ورأينا كيف قررت عائلتان نمتا من قصة حياة غنية، وأحيانا شديدة الصعوبة، استثمار قواهما في البناء والعمل وليس في الهدم.
من هناك، انطلقنا إلى المدرسة الميدانية غوش عتسيون وشاهدنا عرضا صوتيا مرئيا، عرض قصة سقوط الـ “غوش” (الكتلة) وإقامتها من جديد. خاض كل شخص من أعضاء المجموعة القصة بصورة مختلفة، على المحور الممتد بين “الاستمرارية المباشرة للمشروع الصهيوني” وحتى “الجانب السلبي من التربية على رواية المواجهة والحرب”
لاحقا، في تتمة اليوم، سافرنا إلى منزل يغئال كلاين عضو المجموعة، في بلدة معالي حافير، استمعنا إلى قصته الشخصية وإلى قصته مع صديق آخر هو يهودا يفراح الذي يسكن في تكوع؛ وفي النهاية التقينا لمحادثة مع ملاخي ليفينغر رئيس مجلس كريات أربع.
قال أريي شطراوس:
“لقد حضرت إلى اللقاء في المناطق بمشاعر مختلطة. من الجهة الأولى، أنا أعرف حوار المستوطنين
ومن الجهة الثانية عرّفتني معارضة قسم من الزملاء للحضور أن هنالك مشكلة في هذا المكان بالنسبة لقسم كبير من السكان. في كفار عتسيون تعلمت أمرا جديدا، لقد أخذ المستوطنون آلم كفار عتسيون مع الصعوبة والفقدان، وجعلوا منها بولندا…
هذا ما شعرت به عند مشاهدة العرض… شعرت كما لو أنني في ياد فاشيم.
خسارة. فلقد جئت بكثير من التماثل مع يهودا والسامرة، وفجأة فهمت أن هنالك رواية قوية يهتم أحد ما بإسماعها بكل قوة ومن خلال وسائل وتمثيلات مختلفة.
لقد زادت قصة يهودا الشخصية عن إطلاق النار الذي تم باتجاههم من التناقض الموجود هنا.. عمّ يبحث الأولاد عند قدومهم للسكن في نقطة “قلعة شقيف”…؟
برغم هذا الانطباع، كان حديث يغئال ممتعا. أن ترى أن وراء الاستيطان هنالك أشخاص مع قلب حي ونشط، ممتلوؤون بالحياة والعمل، مليئون بحب الإنسان.
كانت الرحلة نفسها تجربة مؤسسة، أن تجلس مع هذا العدد الكبير من الأصدقاء المثيرين للاهتمام.
ما تعلمته من هذا اليوم هو أنه يجب ألا تحكم على صديقك قبل أن تصل إلى بيته…”
استمعنا إلى محادثات أعضاء قوة المهام في مستوطنة معالي حفير،
تحدث يهودا عن طفولته في كريات ملآخي وعن النقلة التي قام بها أهله إلى مستوطنة بيت إيل، عن التعقيد الكامن في الانتقال بصورة عامة شارك أعضاء المجموعة بتجربة طفولة صقلت شخصيته اليوم كشخص متدين وشرقي ومستوطن. تحدث يهودا كثيرا عن المشروع الاستيطاني كرسالة شخصية وجماهيرية، قام هو ويغئال بوصف تجربة أنهم ما داموا سيسكنون في مكان ما، فإن السكن في مستوطنة يمنحهم الشعور بحمل رسالة ومعنى عميقا لوجودهم.
تحدث يغئال عن أنه كان شابا يذهب مع أبيه إلى مظاهرات اليمين ضد اتفاقيات أوسلو، وتحدث عن أن اغتيال رابين كان تجربة مؤثرة جدا بالنسبة له. تابع يغئال وتحدث عن مواجهة عائلية واجتماعية أثرت على الشخص الذي أصبحه اليوم.
أشار كل من يهودا ويغئال أن اليوم – يوم يوفر لهم الكثير من وضعيات الاحتكاك مع جيرانهم العرب.
وقد تحدّث ملآخي ليفينغر، رئيس مجلس كريات أربع، الذي حضر هو أيضا إلى المحادثة، عن التعقيد الكامن في إدارة مجلس متعدد الثقافات (ليس متدينون فقط كالصورة المرسومة عنهم، وإنما الكثير من القادمين، العلمانيين وما شابه). كذلك، تحدث عن اتصالاته مع المجالس العربية في المنطقة وعن محاولة التعاون في الشؤون اليومية.
وقد وصفت سميرة عزام، عضوة قوة المهام، مشاعرها:
“لم تسنح لي الفرصة من قبل للنظر إلى عالم المستوطنين.. بالنسبة لي كانوا دائما مصبوغين بصبغة الأشرار، الاحتلال وسرقة الحقوق… إلى أن دخلت عالمهم وفهمت أنهم لا يريدون إلا تحقيق حلمهم… فجأة بدوا أكثر إنسانية.
من أجل النجاح في المشروع، يجب على كل شخص أن يجلب معه حقيقته… انتهى عصر الأقنعة”.
في نهاية اليوم، وقفنا على أهمية التعارف ورؤية الأمور كما يراهم الطرف “المقابل”، فهمنا أنه يجب أحيانا القيام بخطوة أخرى باتجاه الآخر من أجل فهم الرواية التي تحركه في حياته، بصورة فعلية.
لا ينتقص هذا من حدّة الصراع الذي انطلقنا في طريقنا معه – لكن أهمية التعارف تتضح من خلال المجموعة على اختلاف مشاربها.